THIS NOTE IS GIVEN TO ME BY A FRIEND FOR SHARING, AS IT IS WRITTEN BY A STUDENT, PLEASE CORRECT ANY MISTAKES FOUND IN THE COMMENTARY BOX BELOW, THANKS & MAY ALLAH BLESS ALL OF US) ^_^
مراجعة مقالة:
(Islam and the Encounter of Religions) "الإسلام ومواجهة الأديان"
التوثيق
أ. المؤلف:
هو سيد حسين نصر ولد سنة1933 في 7 إبريل، ويعد البروفسور الأميركي الإيراني الأصل سيد حسين نصر من أكبر فيلسوف معاصر، واختير من قبل فلاسفة الغرب ليصدر عنه كتاب من ألف صفحة ضمن سلسلة لا تختار إلا أعظم فلاسفة التاريخ المعاصر (Library of Living Philosophers.) وقد حصل على درجة الدكتوراه في تاريخ العلم من جامعة هارفارد الأميركية وكان عمره 25 سنة، وحصل على البروفسور وكان عمره 30 سنة.
قد تم انجاز بحثه الدكتوراه تحت إشراف ثلاثة أساتذة؛ I. Bernard Cohen, Hamilton Gibb, Harry Wolfson وتعلم الصوفية في المغرب تحت يد الشيخ أحمد العلوي. وتعلم الحكمة والفلسفة والقوانين الإسلامية في طهران تحت يد سيد محمد كازم أسّار، وعلامة سيد محمد حسين طباطبائي، وسيد أبو الحسن القزويني، وتلقى الدراسات الفارسية تحت أيديهم مثل الأسفار الأربعة لملا سدرا. ومن أشهر تلاميذه وليم ختيك (William Chittick)، وهينري كوربين (Henry Corbin)، ومهدي أمين رزفي (Mehdi Amin Razavi)، وتوشيهيكو إزوتسو (Toshihiko Izutsu)، وساشيكو موراتا (Sachiko Murata). فقد تحدث سيد حسين نصر في العديد من المؤتمرات والمناظرات وألقى العديد من المحاضرات للعامة وفي برامج الإذاعة والتلفزيون وخاصة في الغرب. وساهم في تأسيس العديد من برامج الدراسات الإسلامية في كثير من الجامعات الأميركية مثل برنستون ويوتاه وجامعة جنوب كاليفورنيا. يتحدث حسين نصر الإنجليزية والفرنسية والفارسية والعربية. وهو حاليا أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة جورج واشنطن[1].
"الحكمة الخالدة" وسيد حسين نصر
إن سيد حسين نصر من أبرز من أيد أطروحة: "الحكمة الخالدة" (philosophia perennis) وقام بالدفاع عنها وتفسيرِها وتطويرِها، حيث أنه تأثر تأثرا عظيما برواد هذه الفكرة الذين سماهم سيد حسين نصر "المعلمين" وهم (Frithjof Schuon)، ورينيه جينو (Rene Guenon)، وأنندا كومارسوامي (Ananda Coomaraswamy). وقد ألف العديد من المؤلفات لتأييد هذه الفكرة، من أهمها "Knowledge and the Sacred"، "The Need for a Sacred Science"، "Sufi Essays"، "Philosophia Perennis and the Study of Religion" وهذه المقالة (Islam and the Encounter of Religions). وموضوع "الحكمة الخالدة" هو طبيعة الحقيقة الروحية الباطنة (esoteric) الأزلية التي هي أساس كل الوجود وجوهره والتي تمظهرت في الحقائق الظاهرة (exoteric) بلغات مختلفة. فالحقيقة الروحية الباطنة هي "الحقيقة الماورائية" التي هي واحدة فقط، والحقائق الظاهرة هي "الحقائق الدينية" التي هي المظاهر أو الأشكال أو التعبيرات المتعددة والمختلفة لتلك "الحقيقة الماورائية". وعند مؤيدي فكرة "الحكمة الخالدة" مصطلح "التقليد" (tradition) بمعناه الخاص[2]، حيث اعتبروا أنفسَهم من التقليديين، فاستعمل هؤلاءِ "التقليديون" مصطلح "التقليد" بمعنى "الحقائق أو المبادئ الإلهية الأصل الموحى بها إلى الناس وإلى الكون جميعا..."[3]. فلذلك، نجد لفظ "التقليد" (tradition) ولفظ "التقليديون" (traditional men) من أكثر ألفاظ استخدمها سيد حسين نصر في مؤلفاته.
فالمقالة باللغة الإنجليزية بعنوان (Islam and the Encounter of Religions) "الإسلام ومواجهة الأديان". فالمقالة من صفحة 47 إلى 68؛ أي 22 صفحة. في جورنالIslamic Quarterly، مجلد العاشر، رقم 3 و4، سنة 1966. وموجود في مكتبة دار الحكمة في الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا، في الطابق الرابع، ورقمُ المكتبة لهذا الجورنال jBP1I82IC.
المضمون
أ- الجانب الشكلي:
هناك هوامش كثيرة في هذه المقالة، فكل صفحات المقالة عندها هوامش إلا في صفحة 47، 48، 54، 68.
وقسم المؤلف هذه المقالة إلى ثلاثة أقسام:
فالقسم الأول من صفحة 47 إلى 52؛ حوالي ست صفحات بستة هوامش، وبثلاث عشرة فقرة.
والقسم الثاني من صفحة 52 إلى 61؛ حوالي تسع صفحات بخمسة وعشرين هامشاً، وواحد وعشرين فقرة.
والقسم الثالث من صفحة 61 إلى 68؛ حوالي سبع صفحات باثني عشر هامشاً، وباثنتي عشرة فقرة.
ب- الجانب المفاهمي: النقاط الأساسية في هذه المقالة
القسم الأول: هو عبارة عن المقدمة والتصور العام لأهمية دراسة مقارنة الأديان في العصر الحديث على أساس فكرة "الحكمة الخالدة".
فالنقاط الأساسية في هذا القسم الأول كما يلي:
فقرة 1 و 2: تكلم المؤلف عن التمثيل العام لأحوال الناس التقليديين، فمَثَلُ مؤسس دين معين كمثل الشمس بالنسبة لأتباعه، ومَثَل مؤسسي أديان أخرى كمثل نجوم وشموس أخرى، فالأتباع عاشوا مطمئنين بشمسهم وسننهم بدون الاهتمام بنجوم وشموس أخرى مع معرفتهم بأن هذه النجوم هي نفسها الشمس في أنظمتها الخاصة[5].
فمطلقية دين من الأديان ليست مطلقة، وإنما هي نسبية ـ أي بالنسبة لعالمه الخاص وبيئته المعينة ِشأنها في نظر سيد حسين نصر، هو ِشأن الشمس تماما. ففي داخل نظامنا الشمسي، شمسنا هي الشمس، في حين أنها في الحقيقة ليست إلا واحدة من شموس في المجرة. ووجود الشموس الأخرى لا يجعل أبدا شمسَنا الخاص تتوقف عن كونها شمسا لنا ومركزا لنظامنا الشمسي ومعطياً لحياة عالمَِنا...وكذا كل دين، فهو دين والدين في نفس الوقت أيضا[6].
فقرة 3، 4، 5: أكد المؤلف أن الحاجة الماسة لدراسة الأديان اليوم جاءت بالأحوال والظروف الخاصة في العصر الحديث (the particular conditions of the modern world)، حيث أن هناك المشكلة في بقاء الشخص على ما اعتقده في دينه وفي نفس الوقت قبوله لصحة أديان أخرى، فالفلسفة العلمانية الحديثة أو التأثير من المواصلة بالأديان الأجنبية قد يؤدي إلى غياب أو القضاء على الاعتقاد الديني نفسِه. وبالإضافة إلى ذلك، قد احتج البعض بقضية التعددية الدينية على إلغاء صحة جميع الأديان. فبناء على هذا، تُبرَز أهميةُ دراسةِ الأديان اليوم للحفظ على الدين نفسه. فهناك قسمان من دارسي الأديان؛ المتدينون الذين اتصلوا بالفكر الحديث والأشخاص المتخصصون لدراسة الأديان[7].
فقرة 6: أشار المؤلف إلى إشكالية دراسة الأديان التي تكمن في الأهداف والدوافع لهذه الدراسة، ومن أكبر مشكلتها هو البحث والتحري عن الصدق الديني نفسِه. والمشكلة الجوهرية هي كيفية الاحتفاظ على الصدق الديني وقواعده ومبادئه مع معرفة الأديان الأخرى وقبوله كسبل وطرق إلى الرب[8].
فقرة 7، 8، 9: ذكر المؤلف الآثار السلبية من الحداثة (modernism).
فقرة 7: فالحداثة إما قد أهلك الاعتقاد الديني أو جعله أضيق.
فقرة 8: وبالإضافة إلى ذلك قد أدت الحداثة إلى نفي المبادئ الغيبية التي تكمن في جميع الأديان (negation of metaphysical principles that underlie religions).
فقرة 9: فالقرن التاسع عشر قد أخلف أثراً على دراسة الأديان بنظريات حديثة كالدروينيسم ونحوِه التي تمنع الفهم الديني الروحي. فدراسة الأديان في العصر الحديث قد غاب عنها الجانب الروحي المعنوي لغلبة الفلسفة العلمانية عليها كما حدث في المسيحية، إما بسبب التطور في المسيحية أو بسبب الرد والإنكار عليها (from later developments of Christianity or from reaction against Christianity). والمهم هناك النقص العام بالنسبة للجانب الغيبي[9].
فقرة 10: بين المؤلف غرض تأليف هذه المقالة حيث قال أن من المهم في مجال مقارنة الأديان النظر في مشكلة مواجهة الأديان على ضوء ثقافات ديانات أخرى. ولهذا، قام المؤلف بدراسة مشكلة مواجهة الأديان على ضوء الإسلام، لإبراز الحقيقة الماورائية ومرغوباً في التركيز على الجانب الغيبي والأثر الثيولوجي من وجود ثقافات الأديان الأخرى للإسلام نفسه[10].
فقرة 11: فغياب الجانب الغيبي في دراسة الأديان الذي قد بدأ في الغرب ما زال حياً في الإسلام وفي الأديان الشرقية. ففي الإسلام كل الجانب الغيبي مشتمَل في الشهادة الأولى: لا إله إلا الله، ومعناها أن المطلق فقط هو المطلق مطلقا وغيره نسبي، والعالم كله مشتمل في الشهادة الثانية: محمد رسول الله، ومعناها أن كل الخير في العالم حيث محمد كأعلى التمثيل جاء من الرب[11].
فقرة 12: فرق المؤلف بين الحقيقة الباطنية المطلقة مطلقا، والحقيقة الظاهرية المطلقة نسبيا. فجميع الأشياء لها الظاهر والباطن كما ذكر في القرآن أن الله تعالى هو الظاهر والباطن. وفي مصطلح الصوفية فجميع الأشياء في هذا العالم صورة ومعنى. فالأديان يمكن أن تدرس دراسة صورية وهي عن طريق الوصف والمقارنة أو يمكن أن تدرس دراسة معنوية التي ستؤدي إلى الوحدة المعنوية (inner unity) لأن مصادر جميع الحقائق وكذلك جميع الأديان هو الرب الواحد الأحد[12].
فقرة 13: فعلاقة الإسلام بالأديان الأخرى تتبين من خلال هذا المبدأ الغيبي (الميتافيزيقي) الذي يكمن في كل هيكلها العقلي (this metaphysical doctrine which underlies its whole intellectual edifice). فالإسلام كان يدرس كليهما؛ صور الأديان الأخرى وكذلك معانيها. واليوم هناك أدوات كافية للدراسة لوجود حاجة عقلية وروحية في ظروف جديدة التي مهّدها العالم الحديث (modern world)[13].
القسم الثاني: هو عبارة عن لب الموضوع لتأييد فكرة "الحكمة الخالدة".
فالنقاط الرئيسية في هذا القسم الثاني كما يلي:
فقرة 1: تساءل المؤلف لماذا من بين جميع الأديان العظمى في العالم اليوم، يبدو أن للإسلام أقل الرغبات في دراسة تاريخ الأديان الأخرى مع ما في الإسلام من أشمل وأكمل النظرة العالمية عن الدين. وأشار المؤلف سبب تساؤله بقلة الدراسات وقلة طلبة المسلمين في هذا المجال اليوم مقارنة بطلبة ديانات أخرى[14].
فقرة 2: فأجاب المؤلف أن السبب لهذه الغفلة النسبية في مجال مقارنة الأديان عند المسلمين؛ لكون الإسلام بوجود الأديان الأخرى لم يتأثر تأثرا دينيا قط. فبين المؤلف الأسباب لعدم تأثر الإسلام بوجود الأديان الأخرى:
1. الإسلام على أساس عالمية الوحي (universality of revelation).
2. القرآن من بين جميع الكتب المقدسة هو وحده يتكلم بأشمل عالمية اللغات (the most universal language).
3. فآدم كأول البشر وأول النبي يدل على أن الإنسان بدأ بالتوحيد، وفي تاريخ الإنسان هناك أدوار النبوة (cycles of prophecy)، فكل نبي جديد بدأ بدور جديد، والإسلام كما هو الآن هو آخر الأدوار وخاتمها.
4. الإسلام يعتبر كمهيمن للدين الأصلي على مبدأ التوحيد؛ فلذلك يسمى الدين الحنيف. (فقرة 3).
فقرة 4: بين المؤلف أن من المهم تذكير المسلمين المثقفين من الحداثيين (modern educated muslims) عن:
1. عالمية دينهم،
2. وعن تاريخ اتصالات الإسلام مع الأديان الأخرى (historical contacts Islam has made with other religions)، الحقيقة التي تنسى بمرور الأيام.
3. وعن أهمية تطبيق المبادئ العالمية المشمولة في الإسلام(universal principles contained within Islam) لدراسة الديانات الأخرى على ضوء تلك الظروف التي جاء بها العالم الحديث (modern world)[15].
فقرة 5: بين المؤلف أن لفهم قضية مواجهة الإسلام بالأديان الأخرى فلا بد التذكر بأن الإسلام نفسه على بعدين؛ الظاهر والباطن؛ الشريعة والصوفية. فلكليهما المدارس المتنوعة والعلماء والتاريخيون والمسافرون؛ فمن خلال هؤلاء قد واجه الإسلام الأديان الأخرى[16].
فقرة 6: أثبت المؤلف (لو نستثني العصر الحديث) أن الإسلام له أكثر الاتصالات بالديانات والثقافات الأخرى مقارنة بالأديان غيره. فجاء المؤلف بالأمثلة المتعددة لإثبات كلامه[17].
فقرة 7: ولزيادة من الإثبات بين المؤلف أن للإسلام اتصالات عقلية (intellectual contacts) بجميع أهم الديانات والثقافات في آسيا (باستثناء شينتو في يابان). فجاء بالأمثلة؛ ابن بطوطة الذي جاء عن أخبار الصين، وعن الحديث النبوي المشهور: طلب العلم حتى إلى الصين. ونقل عما كتبه فريد الدين عطّار في كتابه منطق الطير عن "سيمرج"[18].
فقرة 8 و9 و10: تكلم المؤلف عن مواجهة الإسلام بثقافة اليهودية والمسيحية حوالي 14 قرنا في التاريخ الإسلامي. فشرح المؤلف عن اليهودية والمسيحية في دراسات المسلمين القدامى، حيث هناك المواجهات بينهما في علم الكلام وكذلك في كتب الصوفية مثل الفتوحات المكية لابن عربي، والمثنوي للرومي، وغلشان-إي-راز لشبستري. ثم بين المؤلف عن أحوال اتصالات بين المسلمين والمسيحيين واليهود عند الخلافة العباسية وبعد الصليبية، وقضية فلسطين الآن التي تؤثّر على هذه الاتصالات. أما في بقاع الأرض الأخرى من العالم الإسلامي التي ليست فيها مسائل سياسية اجتماعية فمرت هذه الاتصالات بالمسيحيين واليهود. ثم نقل المؤلف شِعر الشاعر الصوفي الفارسي هاتف اصفهاني الذي دل على تعاطف وإثبات التوحيد عند الفهم لفكرة التثليث على ضوء الجانب الغيبي (الميتافيزيقي) في شعره "ترجيح بَند"[19].
فقرة 11: ذكر المؤلف عن الشيخ أحمد العلوي، الصوفي الجزائري الذي على الفكرة المتساوية مع هاتف اصفهاني عندما نادى جميع الأديان للمشاركة على محاربة الإلحادية الحديثة[20].
فقرة 12: انتقل المؤلف من البيان عن مواجهة الإسلام باليهودية والنصرانية إلى مواجهته بالأديان الإيرانية عند عصر سسنيد، وخاصة الزرادشتية (Zoroastrianism) والمانوية (Manichaeism). فالزرادشتية قُبِلوا كأهل الكتاب، وأما المانوية فلهم أثر في كوزمولوجي كما يرى في إسماعيلي كوزمولوجي ومؤلفات محمد بن زكريا الرازي. وقد وصف كثير من العلماء عقائد المانوية مثل ابن نديم والبيروني[21].
فقرة 13: تكلم المؤلف عن الزرادشتية وأحوال مختلفة لعلاقة الإسلام معها حسب اختلاف الأمكنة في بقاع أرض المسلمين. فالدراسة عن الزرادشتية أكثرها في الفرس. فالزرادشتية في الفرس قد أعطت المفردات اللغوية للشعراء الصوفيين مثل حافظ الذي في كثير من الأحيان تكلم عن المعبد الناري (fire temple)، ورهبان الزرادشتية ونحوها كرموز للخنيقة أو الزاوية الصوفية، والمرشد الروحي وإلى آخره. ثم دافع المؤلف عن الصوفية حيث أثبت أن الصوفية لم تتأثر بالزرادشتية بل الصوفية قد أدخلت صور الاستقلال الباطني (esoteric) والظاهري (exoteric) للوحي[22].
فقرة 14 حتى فقرة 22: تكلم المؤلف عن الأديان الهندية؛ الهندوسية والبوذية. فالكلام عن الهندوسية من فقرة 14 إلى افقرة 20 والكلام عن البوذية من فقرة 21 إلى فقرة 22:
فقرة 14: بين المؤلف أن الإسلام له اتصال عميق مع أديان الهند على المستوى الصوري والغيبي. من خلال ما كتبه البيروني عن الهند وترجمة باتنجالي يوجا إلى العربية، وخُسراو دحلوي، وأبو الفضل، دارا شوكوه، ترجمة مصنفات الهندوكية إلى الفارسية[23].
فقرة 15، 16، 17: اهتم المؤلف بإبراز الجانب الميتافيزيقي للهندوسية. فقال أن الصوفية في الهند اعتبروا الهندوسية كالدين لآدم، ومِرزا مظهر جان جانان (Mirza Mazhar Jan Janan) الصوفي النقشبندي قال بأن الهندوسية من الدين الموحى به، ومعظم المسلمين اعتبروا برهما كإبراهيم، عبد الكريم الجيلي فرق بين الميتافيزيقية الهندوسية وأعمالهم اليومية. وقارن الجيلي بين المبادئ الميتافيزيقية في الهندوسية والمبدأ التوحيدي في الإسلام. وهو كان يدرس الهندوسية من الانطلاق الميتافيزيقي لإبراز وجود الواحد الأحد وراء الكثرة أو التعددية[24].
فقرة 18، 19، 20: أشار المؤلف إلى ترجمة المؤلفات الهندوسية إلى الفارسية لا سيما ما قامها دارا شكوه في ترجمة (Bagavad-gita, Yoga Vasishtha, Upanishads) وآثار هذه الترجمة وانتشار دراستها في الغرب. وتكلم عن دارا شكوه وهو صوفي قدري واعتقد بأن "أوبانيشدس" مذكورة في القرآن وأن فيها التوحيد. وألف دارا شوكوه كتابه "مجمع البحرين" لإبراز فكرة التوحيد عند المسلمين والهندوس[25].
فقرة 21 و22: أشار المؤلف إلى المؤلفات عن البوذية والجانب الميتافيزيقي فيها وعلاقتها بالإسلام، وذكر عن ترجمة "Pancha Tantra"، والتاريخ العالمي (universal history) لرشيد الدين فضل الله حيث تكلم عن البوذية حسب الثقافات التي جمعت في "Kashmiri lama" "Kamalashri-Bakhshi". والجانب الأهم في مؤلفات المسلمين هو عن حياة "بوذا" حيث اعتبر "بوذا" كالنبي وله كتاب مقدس "أبي ضرما" (Abi dharma) والمسلمون اعتبروا "Avataras" كالنبيين من منظور إسلامي. وكذلك أشار المؤلف إلى الدراسة عن حياة شاكياموني التي كانت مشهورة في المؤلفات الفارسية[26].
القسم الثالث: وهو عبارة عن الخلاصة لهذه المقالة.
فالنقاط الرئيسية في هذا القسم الأخير كما يلي:
فقرة 1: أن الاتصالات بين الإسلام والأديان الأخرى تدل على أن الإسلام على وعي بوجود ثقافات وديانات أخرى. وهذا على مستويين: المستوى الظاهري (exoteric) والمستوى الباطني (esoteric)[27].
فقرة 2: أكد المؤلف على أن الشريعة الإسلامية قد اعتبرت الأديان الأخرى كالقانون الإلهي (Divine Law) كما أن الشريعة الإسلامية نفسها. فاستدل المؤلف على ذلك أن الإسلام قد أعطى حرية لأتباع الأديان الأخرى في تطبيق قوانينهم ولهم حرية تامة في التدين[28].
فقرة 3: أشار المؤلف إلى المؤلفات القديمة حول المناظرات في علم الكلام منها: كتاب المقالات والفرق لسعد بن عبد الله الأشعري القُمّي، كتاب فرق الشيعة للنَوبَخْتي، الفرق بين الفرق للبغدادي، مقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري، الفصل لابن حزم، اعتقادات فرق المسلمين لفخر الدين الرازي، والملل والنحل للشهرستاني[29].
فقرة 4: أشار المؤلف إلى المؤلفات القديمة في التاريخ العالمي (universal history) مثل المقالات في أصول الديانات للمسعودي، فهرس لابن نديم، بيان الأديان لأبي المعالي محمد بن عبيد الله، الآثار الباقية عن القرون الخالية وتحقيق ما للهند للبيروني. فحث المؤلف على جعل هذه المؤلفات كأساس في دراسات معاصرة وكذلك بالرجوع إلى مصادر صحيحة عند غير المسلمين؛ لأن الأفضل أن يدرس الأديان من خلال أتباعهم، فمثلا إن أراد المسلم أن يدرس المسيحية من الأفضل أن يأخذ المعلومات من المسيحي المتدين به وهكذا[30].
فقرة 5: ذكر المؤلف عن مجال العلوم والفلسفة بأن هناك اتصالات بالأديان والثقافات من خلالها. وأعطى الأمثلة: علم الطب والفلك عند الهندوس، والفلسفة الإغريقية حيث سمّى المسلمون أفلاطون "الإمام"، وبلوطنوس "شيخ الإغريقيين"، وهذا إن دل على شيء فيدل على وجود المبدأ الميتافيزيقي في الإسلام. وفي "الإشراقي" تيوثوفي لسُهرَوَردي هناك إشارة إلى "الحكمة الخالدة" التي اشتركها جميع الشعوب القدامى. وهذا هي "الحكمة الخالدة" التي سماها ليبنيز (Leibniz) و (Neoscholastics) "philosophia perennis" وزاد عليها كومارسوامي "universalis"[31].
فقرة 6، 7، 8، 9: فالنقطة الرئيسية في هذه الفقرات تدور حول مدح الصوفية؛ حيث أثبت المؤلف بأن المستوى الباطني عند منظور الصوفية في مواجهة الأديان هي التي قد مهدت البناء للتفهم والتعاطف والتعمق مع الأديان الأخرى اليوم. فالصوفية هم الذين ألجأوا إلى الوحدة المتعالية للأديان، فتركوا التعددية لأجل الواحد الأحد، ومن خلال هذه العملية رأوا الواحد الأحد في التعددية. فالصوفية قد أعطت أشمل التقرير العالمي على صحة "الحكمة الخالدة" التي هي قلب الإسلام وقلب جميع الأديان كذلك. وهذا التوحيد واحد(supreme doctrine of Unity-which is itself unique) يسمى عند الصوفيين "دين الحب" (religion of love). ثم نقل المؤلف كلام ابن عربي في "ترجمان الأشواق" وكلام شَبِسْتاري في "غُلشان إي راز" حول هذا. وشرح المؤلف عن مبدأ لوجوس، وأن الصوفيين اعتقدوا بأن كل موجودات في هذا العالم هي من التجلي لأسماء الله الحسنى وكذلك جميع الأديان، فنقل كلام الجيلي في "الإنسان الكامل" وكلام جلال الدين الرومي في المثنوي[32].
فقرة 10، 11، 12: أشار المؤلف إلى أن هذه الفكرة لا يفهمها إلا قليل، فمن مسؤولياتهم البيان عما فهموه منها. فالإسلام عنده المفتاح الذي قدّمه الصوفيون لفتح الباب نحو المواجهة الحقيقية بين الأديان. فمن خلال المبدأ الميتافيزيقي عند التقليديين فقط يمكن لنا أن ندرس الأديان ونبني الأساس القوي لمواجهة الأديان. وأكد المؤلف في الأخير على أن جميع الأديان إنما هي الطرق الموصلة إلى القمة الواحدة، فهي السبل والطرق إلى الرب الواحد[33].
النقد
أ. الجانب المفاهمي:
فقد قام الأستاذ أنيس مالك طه بنقد هذه الفكرة (الحكمة الخالدة) حيث قال:
ولكن لم يكن يعرف قط في هذه المجتمعات التقليدية مثل هذه الفلسفة المنظمة المسماة بالحكمة الخالدة التي ترمي إلى وحدة الأديان. فأي تقليد، إذن، هو الذي جعلوه سندا وأساسا لأطروحتهم التعددية؟ وإذا عزوه إلى المستيكيين أمثال ابن عربي...فإن هذا العزو مرفوض. صحيح إنهما تقليديان، ولكن ليس التقليد في المعنى الذي يريدونه...والذي يثير الدهشة والاستغراب أكثر، من وجهة النظر الإبستيمولوجية الإسلامية، أن هذا الاتجاه كثيرا ما يؤسس أطروحته على المبادئ والمصطلحات الإسلامية أو يبرهنها بها...والإسلام منه براء. وأهم هذه المبادئ والمصطلحات هو "الدين الحنيف"...وفي الحقيقة ليس فيما ذكره نصر عن مفهوم الدين الحنيف ما يتعارض مع العقيدة الإسلامية، حيث إنه يؤكد بأن دين التوحيد هو الدين الوحيد الذي أنزله الله تعالى للناس عن طريق سلسلة من الرسل والأنبياء عليهم السلام على مر العصور. فهو بذلك يمثل الملتقى لجميع الأديان أو النقطة لوحدة الأديان أو بتعبير أصح: الشرائع السماوية. ولكن سرعان ما نجد الغرابة الشديدة حينما قام الأستاذ نصر ـ اتباعا لأستاذه فريثجوف شوون ـ بتبسيط هذا الدين الحنيف ليكون بمثابة الحقيقة الجوهرية أو الباطنية (esoteric) التي هي "المطلقة مطلقا" أو "الحق مطلقا"؛ فتكون الأديان جميعا باعتبار أنها مظاهر و أشكال لتجلي هذه الحقيقة المطلقة...ومعنى ذلك أن الإسلام والمسيحية واليهودية والهندوكية والبوذية...وما إلى ذلك من أديان العالم، الحية منها والميتة سواء في "المطلقية النسبية" تماما[34].
وفي الأخير أثبت الأستاذ أنيس مالك طه أن لا فرق بين أطروحة الحكمة الخالدة وغيرها من الاتجاهات التعددية الأخرى التي تعتقد بسواسية الأديان جميعها. ففكرة الحكمة الخالدة عاجزة ليست فقط عن تقديم حل لمشكلات التعددية الدينية كما زعمت، وإنما هي عاجزة أيضا عن تقديم علاج للمصابين من أزمة الحداثة، حيث أنها قد وقعت في النسبية المذمومة التي تؤدي إلى "الاختزالية" للدين، فلا تعترف بدائرة اختصاص الدين إلا جانب حياة الإنسان الاعتقادي والشخصي فقط، أما جوانبها الأخلاقية والاجتماعية فقد تركها لنظام لاديني علماني، فأسهمت في تنشيط عملية العلمنة على عكس ادعائها. ثم نقل كلام الأستاذ الفاروقي الذي يصف هذه الأطروحة بأنها "فارغة...لا تفيد شيئا. فهي لا تقدم المعايير لحل الاختلافات بين أديان العالم، ولا تقدم الإشارات الإيجابية للتصرف"[35].
ب. الجانب الشكلي:
وحسب ما تأملت الباحثة في هذه المقالة وجدت أن هناك بعض الأخطاء على الجانب الشكلي كما يلي:
2. استعمل المؤلف لفظ "المسلمون" (Muslims) على وجه التعميم، مع أن هذه الفكرة عند بعض المسلمين فقط، مثلا قال بأن بوذا نبيٌ...والمسلمون اعتبروا "Avataras" كالنبيين من منظور إسلامي[37].
المنهج
فمنهج المؤلف في تأليف هذه المقالة هو المنهج التاريخي التحليلي حيث أن المؤلف قد وصف وبين الدراسات السابقة في مجال مقارنة الأديان وقام بتحليلها حتى تكون حجة مؤيدة لفكرة "الحكمة الخالدة".
الإبلاغية والأسلوب
فهذه المقالة سوف لا يفهمها إلا المتخصصون في مجال مقارنة الأديان فأسلوبها أسلوب فلسفي وفيها مصطلحات حديثة لا يعلمها إلا من تخصص فيها.
مصادر المقالة ومراجعها:
ذكر المؤلف مصادرَ المقالة ومراجعَها في الهوامش؛ وهي حوالي 30 مصدراً، ومنها خمسة كتب الذي ألفها هو نفسُه:
A. Ahmad, Studies in Islamic Culture in its Indian Environment (Oxford, 1964).
A. Jeffery, ‘Al-Biruni’s Contribution to Comparative Religion’, in al-Biruni Cominemoretion Volume (Calcutta, 1951), pp. 125-60.
Abu Ya’qub Sijistani, Kashf al-mahjub, ed. H. Corbin (Tehran, 1949), pp. 77-79.
Al-Ghazzali, Refutation excellente de la Divinite de Jesus-Christ d’apres les Evangiles, ed. and trans. R. Chidiac (Paris, 1939).
E. G. Brown, A Literary History of Persia, iv (Cambridge, 1930), pp. 293-4.
F. Schuon, Religio perennis, Eludes traditionnelles, p. 387 (Jan.-Feb. 1965), p.10.
F. Schuon, Understanding Islam, trans. D. M. Matheson (London, Allen & Unwin, 1963), ch. i.
Farid ud-Din Attas, The Conference of the Birds, trans. S. C. Nott (London, 1954), p. 13.
Frithjof Schuon, The Transcendent Unity of Religions, (London, 1948).
H. Corbin, Opera Metaphysics Mystica, ii (Tehran, 1952).
H. Ritter, Das Meer der Seele, (Leiden), pp.607-8.
Ibn ‘Arabi, Tarjuman al-ashwaq, trans. R. A. Nicholson (London, 1911), p. 67.
Ismail R. A. al-Faruqi, ‘History of Religions: Its nature and significance for Christian education and the Muslim-Christian Dialogue’, Numen, xii, fasc. 1 (Jan. 1965), p. 40.
K. Jahn, ‘Kamalashri-Rashid al-Din’s “Life and teaching of the Buddha”’, Central Asiatic Journal, ii (1956), pp. 81-128.
K. Jahn, ‘On the mythology and religion of the Indians in the medieval Moslem tradition’, in Melanges d’Orientalisme offerts d Henri Masse (Tehran, 1963), pp. 185-97.
M. Eliade, ‘The Quests for the “Origins” of Religion’, History of Religions, iv, no. 1 (Summer 1964), pp. 156.
M. Eliade, The Quest for the ‘Origins’ of Religion, pp. 154-6.
M. Hayek, Le Christ de l’ Islam (Paris 1959), p. 260.
M. Lings, A Moslem Saint of the Twentieth Century (London, 1961).
Nasir-I Khusraw, Jami’ al-hikmatain, ed. H. Corbin and M. Mo’in, Tehran, 1953.
Pickthall translation.
R. Guenon, ‘The Mysteries of the Letter Nun’, in Art and Thought, ed. K. B. Iyer (London, 1947), pp. 166-8.
S. H. Nasr, ‘Suhrawardi’ in A History of Muslim Philosophy, ed. M. M. Sharif, vol. I (Wiesbaden, 1963).
S. H. Nasr, An Introduction to Islamic Cosmological Doctrines (Cambridge, 1964), ch. V.
S. H. Nasr, Islamic Studies (Beirut, 1965), ch. iv.
S. H. Nasr, Three Muslim Sages (Cambridge, 1964), ch. ii.
S. H. Taqizadeh, Mani wa din-i-u (Tehran, 1335).
Tara Chand, The Influence of Islam on India Culture, (Allahabad, 1954).
The Discourse of Rumi, trans. A. J. Arberry, (London, 1961), pp. 108-12.
W. H. Bailey, Zoroastrian Problems in the Ninth Century Books (Oxford, 1943).
W. Stoddart, ‘Catholicism and Zen’, Tomorrow, xii, no. 4 (Autumn 1964), pp. 289-96.
خلاصة الحكم على المقالة وإبداء الرأي الذي يستحق بها
يبدو من خلال هذه المقالة الجهدُ العظيم للمؤلف لتأييد فكرة "الحكمة الخالدة"، فهو قد بيّنها يبرهن عليها، فعلى من يريد أن يفهم هذه الفكرة فلا بد عليه أن يقرأ هذه المقالة لكونها مشتملة على الأدلة المؤيدة لها. فلذلك، على العامي أو الجديد في مجال مقارنة الأديان أن يكون على وعي وحذر شديد عند قراءتها، ولا بد من استفسار العلماء المسلمين واستشارتهم لأن هذه المقالة مشتملة على الأفكار التي تبدو نبيلة للغاية[38]، فتستطيع أن تقنع القارئ غير المتخصص، فيصدق فكرة "الحكمة الخالدة" ويؤيدها.
قائمة المصادر والمراجع
أنيس مالك طه، التعددية الدينية: رؤية إسلامية، (كوالا لمبور: مركز البحوث الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا، ط1، 2005م.
Seyyed Hossein Nasr (1966), “Islam and the Encounter of Religion”, The Islamic Quarterly, vol. X, no. 3 and 4, pp. 47-68.
Seyyed Hossein Nasr, Knowledge and the Sacred, (United States of America: State University of New York, 1989.
The Seyyed Hossein Nasr Foundation, Biography, http://www.nasrfoundation.org/bios.html موجود في موقع الإنترنيت بتاريخ 7 مارس 2011.
موجود في موقع الإنترنيت بتاريخ 7 مارس 2011.
[2] انظر: أنيس مالك طه، التعددية الدينية: رؤية إسلامية، (كوالا لمبور: مركز البحوث الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا، ط1، 2005م)، ص142 و144.
[3] انظر: Seyyed Hossein Nasr, Knowledge and the Sacred, (United States of America: State University of New York, 1989, p. 65.
وهذا التعريف تم نقله من: أنيس مالك طه، التعددية الدينية: رؤية إسلامية، ص145-146.
[4] Seyyed Hossein Nasr (1966), “Islam and the Encounter of Religion”, The Islamic Quarterly, vol. X, no. 3 and 4, pp. 47-68.
[6] انظر: أنيس مالك طه، التعددية الدينية: رؤية إسلامية، ص154.
[34] أنيس مالك طه، التعددية الدينية: رؤية إسلامية، ص360-363.
[35] انظر: أنيس مالك طه، التعددية الدينية: رؤية إسلامية، ص362 و365.
“The Holy Qur’an states: ‘And for every nation there is a messenger’ (x. 48)”
“the Muslims see all ‘divine decents’ or Avataras as prophets in the Islamic sense”.
[38] انظر: أنيس مالك طه، التعددية الدينية: رؤية إسلامية، ص359.
No comments:
Post a Comment